وجوب التوقّف عن العمل بهما ، والعمل بالخبر إمّا عبارة عن الإفتاء بموجبه ، أو عن القضاء بموجبه ، أو عن الالتزام والتديّن بمؤدّاه ، أو عن العمل الخارجي على طبقه على معنى تطبيق الحركات والسكنات الخارجيّة عليه ، وهو على قسمين :
أحدهما : ارتكاب الواقعة أو اجتنابها استنادا إلى الخبر وتعويلا عليه.
وثانيها : الفعل أو الترك تعويلا على أنّ حكمه الواقعي المجعول هو الّذي يستفاد من الخبر من إباحة أو وجوب أو تحريم ، وأيّامّا اريد من الأمر بإرجاء الخبرين من هذه الوجوه فنحن نقول بوجوب التوقّف فيه ، ولا يندرج فيه ما نحن فيه ، لأنّ ارتكاب الشبهة في محتمل التحريم لا يلازم الإفتاء ولا القضاء ولا التزام ولا الاستناد إلى الخبرين ، ولا على أنّ حكمها المجعول من حيث هي هو الإذن والإباحة المستفادة من أحدهما ، بل بناؤه إنّما هو على كون حكمها المجعول من حيث الاشتباه ومن حيث جهالة الحكم الواقعي إنّما هو الجواز والرخصة في الفعل. وهذا كما ترى ليس من العمل بالخبرين ولا بأحدهما ليندرج في الأمر بالإرجاء المفيد لوجوب التوقّف.
فإن قلت : إنّ محلّ الاستدلال على حكم مطلق الشبهة حتّى ما نحن فيه إنّما هو قوله عليهالسلام : « إنّ الوقوف عند الشبهات » إمّا لعموم « الشبهات » أو لحجّية العلّة المنصوصة ، فإنّه يفيد عموم الحكم في كلّ شبهة تحريميّة وإن كانت لغير تعارض النصّين من فقد نصّ أو إجماله.
قلت : العموم من هذه الجهة وإن كان مسلّما غير أنّه لا يجدي في عموم الحكم المطلوب في المقام ، لأنّ أقصى ما يفيده الرواية إنّما هو الوقف عن الفعل والترك معا على وجه الاعتماد ، على أنّ حكمه المجعول له من حيث هو إنّما هو الجواز والإباحة ، ووجوب الوقف بهذا المعنى مسلّم حتّى في غير ما تعارض فيه نصّان ، ولكنّه لا ينافي جواز الارتكاب على أنّه الحكم المجعول للجاهل بحكم الواقعة من حيث هي.
لا يقال : عموم الحكم بهذا الاعتبار يتمّ بملاحظة ظاهر الوقوف ، لظهوره عرفا فيما يقابل الحركة بمعنى الفعل والارتكاب ، وهو السكون بالترك والاجتناب ، وإطلاقه يقضي بوجوب الوقوف عن الارتكاب بجميع وجوهه وجهاته حتّى الجهة الّتي عليها مبنى العمل بالبراءة.
لأنّ الظهور المذكور على تقدير تسليمه إنّما يسلّم في غير نحو هذا التركيب ، فإنّ إضافة « الوقوف » فيه إلى « الشبهة » تصرفه عن ذلك إلى ظهور التوقّف عن جميع أطراف الشبهة ، فإن كانت من قبيل الشبهة المحصورة فبالاجتناب عن الجميع ، وإن كانت من قبيل