أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهم » (٥) ، والمشهور إطلاق القبول من غير تقييد بالسفر ، وهو اختيار المصنف والعلامة والشهيد ؛ لأن المناط في القبول عدم عدول المسلمين ، إذ لا تأثير للأرض في القبول.
وهل تقبل شهادة الذمي على غيره من أهل الذمة أم لا؟ نقول : أما في الوصية فهي مقبولة ؛ لأنه إذا قبلت على المسلمين في الوصية فقبولها على أهل الذمة فيها أولى ، وأما في غير الوصية فقد اختلف الأصحاب في ذلك ، قال ابن الجنيد : تقبل مطلقا ، أي سواء اتفقت الملة أو اختلفت ، وقال ابن أبي عقيل والمفيد : لا تقبل مطلقا ، واختاره المصنف والعلامة ؛ لأنهم فسقة والفاسق لا تقبل شهادته ، خرج القبول في صورة معينة للنص والإجماع ، يبقى الباقي على أصالة المنع وهو المعتمد.
وقال الشيخ في النهاية : يقبل مع اتفاق الملتين أي ملة الشاهد والمشهود عليه ، كاليهودي على اليهودي ، ولا تقبل شهادة اليهودي على النصراني وبالعكس.
قال رحمهالله : الرابع : العدالة ، إذ لا طمأنينة مع التظاهر بالفسق ، ولا ريب في زوالها بمواقعة الكبائر ، كالقتل والزنا واللواط وغصب الأموال المعصومة ، وكذا بمواقعة الصغائر مع الإصرار وفي الأغلب ، أما لو كان في الندرة ، فقد قيل : لا يقدح لعدم الانفكاك منها إلا فيما نقل باشتراط إلزام الأشق ، وقيل : يقدح لإمكان التدارك بالاستغفار ، والأول أشبه ، وربما توهم واهم أن الصغائر لا تطلق على الذنب الا مع الإحباط ، وهو بالاعراض حقيق ، فإن إطلاقها بالنسبة ، ولكل فريق اصطلاح.
أقول : العدالة شرط في قبول الشهادة ، لقوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
__________________
(٥) الوسائل ، كتاب الوصايا ، باب ٢٠ ، حديث ٧.