لعلّهم يتوبون ، ولا الإبقاء على الكفّار لما في أصلابهم من الأبرار ، وإنّما يؤخّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.
ومن المحتمل البعيد أن يراد بجنود السماوات حزب الله الغالبون ؛ وهم أولياؤه المتّقون الّذين علت همّتهم ، وسمعت رتبتهم ، فلم يلتفتوا إلى الزخارف الدنيويّة ، فاتّصلوا بالمبادئ العالية من العقول المجرّدة ، فرفعوا مكانا عليّا ، وبجنود الأرض الأناسيّ الطبيعيّون المخلّدون إلى الأرض ، الواقفون على حضيض الطبيعة ، وهم أولياء الشيطان وحزبه ، وهؤلاء وأولئك كلّهم مملوكون لله ، والله عليهم بعواقب أمورهم ، حكيم فيما يصنع بهم من الثواب والعقاب من دون أن يظلم أحدا منهم ، فإنّه العدل الحكيم الّذي لا يجوز.
فقوله : (لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً * وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً) يمكن أن يكون تعليلا لما يفهم من قوله : (وَلِلَّهِ جُنُودُ) ... إلى آخره من معنى التدبير على حسب المصلحة ، والحكمة ففيه إشارة إلى أنّه يعطي كلّ ذي حقّ حقّه ؛ كما هو معنى العدل ، فصنعه بالفريقين من الثواب والعقاب مقتضى العدل ، فله الحجّة عليهم ولا حجّة لأحد عليه ، فلا يسأل عمّا يفعل وهم يسألون.
وقيل : إنّه متعلّق بمحذوف ؛ أي أمر تعالى بالجهاد ليعرف المؤمنون نعمة الله فيه ويشكروها ، أو يقتلوا أو يتحمّلوا مشاقّ الحرب فيدخلوا الجنّة ،