واحد لا قديم إلّا هو ، وموجود واحد ليس بحالّ ولا محلّ ولا موجود كذلك إلّا هو ، وشيء واحد لا يجانسه شيء ، ولا يشاكله شيء ، ولا يشبهه شيء ، ولا شيء كذلك إلّا هو ، فهو كذلك موجود وغير منقسم في الوجود ولا في الوهم ، وشيء لا يشبهه شيء بوجه ، وإله لا إله غيره بوجه ، وصار قولنا «يا واحد يا أحد» في الشريعة اسما خاصّا له دون غيره لا يسمّى به إلّا هو عزّ وجلّ ؛ كما أنّ قولنا «الله» اسم لا يسمّى به غيره (١). انتهى كلامه رفع في المقام جنانه.
الآية الثالثة :
(اللهُ الصَّمَدُ) أقام الظاهر مقام الضمير لئلّا يتوهّم رجوعه إلى «أحد».
وعرّف «الصمد» دون «أحد» قيل : «لعلمهم بصمديّته دون أحديّته».
وأخلى هذه الجملة عن «الواو» الدالّة على المغايرة للإشارة إلى أنّ من كان إلها أحديّ الذات جامعا لكمال الصفات ينبغي أن يصمد إليه في جميع الحاجات ، فتكون هذه الجملة بمنزلة النتيجة للجملة السابقة.
وإنّما كرّر الجلالة قيل : «للإشعار بأنّ من لم يتّصف بالصمدانيّة لم يستحقّ الألوهيّة» ويحتمل العكس.
وإفادة الجملة للحصر أيضا جليّة.
[ما هو تفسير الصمد؟]
وكيف كان فقد اختلفت كلمتهم في تفسير «الصمد» على وجوه كثيرة :
__________________
(١) التوحيد : ٨٤ ـ ٨٦.