أميّة الخزاعيّ إلى أهل مكّة فهمّوا بقتله فرجع ، فبعث عثمان بن عفّان فحبسوه فدعا رسول الله أصحابه وكان جالسا تحت هذه الشجرة وبايعهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفرّوا عنهم.
و «أثابهم» أي جازاهم ؛ من الثواب ، وهو الجزاء على العمل ، وهو في الأصل : الرجوع ، فالعمل يرجع جزاؤه وخاصّيّته إلى العامل ؛ كما قال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) فالثواب أعمّ من جزاء الخير والشرّ ، ولكن غلب استعماله في الأوّل.
والفتح القريب هو فتح خيبر ، والمغانم الكثيرة هي مغانمها.
ومن المحتمل أن يكون المراد بها الدرجات العاليات الأخرويّة الّتي يستحقّونها بجهادهم في سبيل الله ، هذا مع أنّ رضا الله عنهم أعلى مقاصد المؤمنين ، بل المؤمن الكامل لا يطلب سوى رضاه ، ولا يهتمّ بالغنائم الفانية الزائلة. ولذا سمّيت هذه البيعة ببيعة الرضوان (٢).
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً).
في هذه الآية وعد للمؤمنين بكثير من المغانم غير هذه الغنيمة المعجّلة الّتي ستحصل لهم بخيبر ، فإن كان الخطاب المشافهة كان المراد بها ما حصل لهم في عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وما بعده إلى زمن انقراضهم ، فلا يشمل ما حصل للتابعين من الفتوح ، وإلّا لشمل ما يحصل لهم من الفيء إلى يوم القيامة.
__________________
(١) الزلزلة : ٧ و ٨.
(٢) «ب» : بيعة الرضوان.