وفي قراءة «أبيّ» حذف النون فـ «إن» مقدّرة و «أو» بمعنى «إلى» فيكون الإسلام غاية للقتال.
والمراد بالتولّي هنا الإعراض والقعود عن القتال ، والإحجام عنه.
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) هذه الجملة بمنزلة الاستثناء عن المأمورين بالجهاد.
و «الحرج» : الضيق ؛ أي ليس على هؤلاء ضيق ومعصية في القعود عن الجهاد ، فإنّ الله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر.
وإنّما كرّر الحرج تأكيدا لبيان لطفه وشفقته على العباد ؛ كما أنّ قوله :
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) توكيد لما سبق من الوعد والوعيد ، إلّا أنّ ما تقدّم خاصّ وما هنا عامّ ، وإنّما فصّل الأوّل لسبق رحمته وكونه أدخل في الترغيب.
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً * وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً) قد عرفت معنى رضا الله وسخطه ، والمراد من السكينة.
واللام في «المؤمنين» للعهد ـ وكان عددهم ألفا وخمسمائة أو ثلاثمائة أو أربعمائة ـ كـ «اللام» في الشجرة ؛ وهي شجرة [السدر ، أو] (١) الطلح ؛ وهو الموز ، وهو (٢) شجر حسن اللون له نور ، طيّب ، ولكنّه كثير الشوك.
روي أنّه لمّا نزل رسول الله صلّى الله عليه وآله الحديبيّة بعث جراس بن
__________________
(١) ليس في «أ».
(٢) «أ» : فهو.