و «العهد» في الآية يشمل عهد الله مع عباده في الذرّ ؛ كما قال : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) ... (١) إلى آخره. فمن وفي بهذا العهد فاز بالأجر العظيم وجنّات النعيم ، ومن نقضه يرجع (٢) ضرره إلى نفسه ، فإنّه يحرم عن المثوبات العظيمة ، وعن مرافقة الأبرار ، ويستحقّ عذاب النار.
وقرأ حفص بضمّ الهاء من «عليه» لمكان تفخيم الجلالة ، ولكن الأولى قراءته بالكسر ؛ كما هو الأصل.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه الله : إنّ الآية نزلت في بيعة الرضوان (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (٣) واشترط عليهم أن لا ينكروا بعد ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله شيئا يفعله ، ولا يخالفوه في شيء يأمرهم به ، فقال الله عزّ وجلّ بعد نزول آية الرضوان : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) ... (٤) إلى آخره. إنّما رضي الله عنهم بهذا الشرط (٥). إلى آخر ما ذكره.
وحاصله يرجع إلى أنّ آية (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) نزلت مؤخّرة عن آية الرضوان ، فوقع الاشتباه في تأليف الآيات من عثمان ؛ فلا تغفل.
(سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ
__________________
(١) يس : ٦٠.
(٢) «أ» : رجع.
(٣) الفتح : ١٨.
(٤) الفتح : ١٠.
(٥) تفسير القمّيّ ٢ : ٣١٥.