الزاعمين أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله على ضلال مبين في دعوته النبوّة وإخباره بالبعث والحساب ، وقد قال الّذين سبقوهم لأنبيائهم «إن أنتم إلّا في ضلال مبين» يعني : ستعلمون يا معاشر الكفّار يوم القيامة من هو في ضلال مبين ؛ أنحن أم أنتم؟
وكذلك إن قرئ بالياء ، فمرجع الضمير أيضا هؤلاء الكفّار أو جميعهم من السابقين واللاحقين ، وفي الآية تهديد ووعيد لمن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، فهي نظير قوله تعالى في سورة القمر : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ * سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) (١).
وروي في تفسير الآية أنّ المراد : فستعلمون يا معشر المكذّبين من حيث أنبأتكم رسالة ربّي في ولاية عليّ والأئمّة من بعده من هو في ضلال مبين.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) (٢) برهان على أنّ الله هو المعين لمن استعان به ، والمجير لمن استجار إليه ، والمفزع لمن توكّل عليه ، وأنّه لا معين ، ولا مجير ، ولا مفزع سواه ، ولا إله غيره.
و «أصبح» بمعنى صار في وقت الصبح ؛ كأمسى بمعنى صار في المساء ، وأضحى بمعنى صار في الضحى ، أو بمعنى كان.
قال الشارح الرضيّ : إنّ هذه الثلاثة تكون ناقصة وتامّة ، والناقصة بمعنيين :
إمّا بمعنى صار من غير اعتبار الأزمنة الّتي يدلّ عليها تركيب الفعل ؛ أعني الصبح والمساء والضحى ، بل باعتبار الزمن الّذي يدلّ عليه صيغة
__________________
(١) القمر : ٢٥ ـ ٢٦.
(٢) الملك : ٣٠.