قال الطبرسيّ رحمه الله : أي إنّ الّذي أدعوكم إليه هو الرحمن الّذي عمّت نعمته جميع الخلائق (١). انتهى.
ف «الرحمن» أيضا من أسمائه الخاصّة كـ «الله» كما يستفاد من قوله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٢) الآية. وفي سورة الفرقان : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَزادَهُمْ نُفُوراً) (٣).
قال في الكشّاف : فإن قلت لم أخّر مفعول «آمنّا» وقدّم مفعول «توكّلنا»؟
قلت : لوقوع آمنّا تعريضا بالكافرين حين ورد عقيب ذكرهم ، كأنّه قيل : آمنّا ولم نكفر كما كفرتم ، ثمّ قال : وعليه توكّلنا خصوصا لم نتّكل على ما أنتم متّكلون عليه من رجالكم وأموالكم (٤). انتهى.
وفي تقديم الظرف على الفعل دلالة على الحصر ، وإشارة إلى أنّه توجّه بكلّيّته على الحقّ ، وقصر نظره عن غيره في جميع أموره ، فإنّه هو الغنيّ المطلق ، وما سواه فقراء إليه ، فمن يتوكّل على الله فهو حسبه.
وفسّر التوكّل بانقطاع العبد إليه تعالى في جميع ما يأمله من المخلوقين ، ويلزمه ترك الحرص على الدنيا ، وترك السعي فيها ، والرضا بما قسمه الله له. والكلام في التوكّل طويل الذكر ، فمن أراده فليرجع إلى كتب الأخلاق.
قوله : (فَسَتَعْلَمُونَ) ... إلى آخره. قرئ بالتاء ، فالخطاب للكفّار
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤١٥.
(٢) الإسراء : ١١٠.
(٣) الفرقان : ٦٠.
(٤) الكشّاف ٤ : ٥٨٣.