وفيه : عن حمّاد بن عثمان قال : خرج أبو عبد الله عليه السلام من المسجد وقد ضاعت دابّته ، فقال : لئن ردّها الله عليّ لأشكرنّ الله حقّ شكره. قال : فما لبث أن اتي بها ، فقال : الحمد لله. فقال قائل له : جعلت فداك ، أليس قلت لأشكرنّ حقّ شكره؟ فقال : ألم تسمعني قلت : الحمد لله (١).
أقول : قد يظنّ البادئ بذلك الحديث اتّحاد الحمد والشكر ، وليس كذلك ، لأنّ ذلك من مواضع الاجتماع ، وسيجيء التفصيل.
المقام الثالث : في التفرقة بين الحمد والشكر والمدح على طريق الإجمال
فنقول : الحمد اللغويّ هو الثناء بالجميل الاختياريّ على قصد التبجيل مطلقا ، والمراد بالحمد الاختياريّ الأفعال الحسنة الّتي تنشأ من المحمود على طريق اختياره ، أي بحيث لو أراد تركها لقدر ، كذا قيل. وفيه نظر ، لعدم شمول ذلك المحامد الربّانيّة الّتي بها يحمد صفاته الذاتيّة هي عين الذات ، لأنّه قد حقّق في مقامه أنّ تلك الصفات لا يمكن نفيها عنه تعالى ؛ إذ في نفيها يلزم نفي الذات ، فصفاته تعالى موجبة ؛ قاله بعض.
أقول : وفيه أنّه إذا ثبت كون الصفات عين الذات ، فالجميع ذات واحدة على سبيل التحقّق ، فيصدق أن يقال : العلم هو الله مثلا ، فالقول بإيجاب الصفات مستلزم لإيجاب الذات ، وقد حقّقنا في علم الكلام خلافه ، فلذا قيل : إنّ الاختياريّ معناه المنسوب إلى الفاعل المختار ، فالمراد بالجميل الاختياريّ الفعل الحسن الّذي كان فاعله مختارا ، وبذلك يدفع ما قيل من أنّ
__________________
(١) الكافي ٢ : ٩٧.