والمراد بكفّ الأيدي : حفظهم عن أذى الكفّار بما وقع من الصلح في الحديبيّة ، أو عن خلفاء أهل خيبر من أسد وغطفان ، فإنّه لمّا حاصرها همّت قبائل من العرب أن يغيروا على أموال المسلمين وعيالاتهم بالمدينة ، وهمّت اخرى أن ينصروا اليهود في خيبر ، فقذف الله الرعب في قلوبهم فانصرفوا ، وإنّما فعل ذلك ليحصل لهم الاستعداد لفتح مكّة وغيرها ، ولتكون علامة لصدق النبيّ فيما وعد المؤمنين.
فقوله : (وَلِتَكُونَ آيَةً) عطف على محذوف ، هو علّة للتعجيل بالغنيمة أو كفّ الأذى ؛ أي عجّل أو كفّ أو فعل الأمرين لتستعدّوا ويحصل لكم كثرة العدد والعدّة ، وليكون آية لهم ، فإنّ غلبة النبيّ مع قلّة عدده وعدّته على هؤلاء القبائل الكثيرة الجمّة في مدّة يسيرة آية كاشفة عن صدقه في دعوى النبوّة.
وقوله : (وَيَهْدِيَكُمْ) أي يزيدكم البصيرة في الدين ، ويثبّتكم على الإيمان بالنبيّ ، وإلّا فقد كانوا مؤمنين من قبل.
(وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) ؛ أي عجّل لكم غير مغانم خيبر مغانم أخرى لم تقدروا عليها إلى الآن ، بل وقع لكم فيها الانكسار والحولة ؛ أي الهزيمة ، مثل مغانم هوازن في غزوة حنين.
فقوله : (وَأُخْرى) وصف لـ «مغانم» وعطف على «هذه».
ويحتمل نصبها على التفسير ، ورفعها على الابتداء ، وإن كانت نكرة ، لمكان الوصف بالجملة بعدها وجرّها بـ «ربّ» المحذوفة.
وقوله : (قَدْ أَحاطَ اللهُ) ... إلى آخره. كناية عن إظفار الله لهم بهذه الغنائم باستيلائهم على أهلها.