الصفة الّتي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات ، وفي الحديث : سمّيناه بصيرا ، لأنّه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك ، ولم تصفه ببصر لحظة العين. انتهى.
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ * أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ) وكلمة «أم» في الآيتين أيضا منقطعة بمعنى بل الإضرابيّة خاصّة ، فإنّ الاستفهام لا يدخل على الاستفهام ، لأنّ «من» فيهما للاستفهام الإنكاريّ في موضع الرفع على كونه مبتدأ ، وبهذا يحتجّ على البصريّين في زعمهم أنّ المنقطعة أبدا بمعنى ، بل والهمزة جميعا ، اللهمّ إلّا أن يدّعوا التوكيد ، وهو خلاف الأصل لا يرتكب إلّا بالدليل.
فالحقّ ما نصّ عليه ابن هشام من أنّها قد تستعمل في مجرّد الإضراب ؛ كما في الآيتين وأشباههما ، وقد تستعمل متضمّنة للاستفهام الإنكاريّ ؛ كما في قوله تعالى : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) (١) ومتضمّنة للاستفهام الطلبيّ ؛ كما في قولهم : إنّها لإبل أم شاة.
وعن أبي عبيدة : إنّها قد تستعمل بمعنى الاستفهام المجرّد ؛ كما في قول الشاعر :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط |
|
غلس الظّلام من الرّباب خيالا |
وقد اختلف في خبر «من» ففي مجمع البيان : إنّ هذا مبتدأ ثان ، و «الّذي» خبره ، وقد وصل بالمبتدأ والخبر ، وهو قوله : (هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) و «ينصركم»
__________________
(١) الطور : ٣٩.