في الدنيا توبة ، وقد قال الله : (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا) (١) وقال ـ حكاية عن قول جبرئيل لفرعون ـ : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٢).
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) الخشية هي الخوف المفسّر بتألّم القلب واحتراقه بسبب توقّع مكروه في الاستقبال ؛ كما صرّح به الغزاليّ في الإحياء.
وعن المحقّق الطوسيّ رحمه الله إنّه بعد ما صرّح باتّحادهما معنى في اللغة قال : إلّا أنّ بين خوف الله وخشيته في عرف أرباب القلوب فرقا ، وهو أنّ الخوف تألّم النفس من العقاب المتوقّع بسبب ارتكاب المنهيّات ، والتقصير في الطاعات ، وهو يحصل لأكثر الخلق ؛ وإن كانت مراتبه متفاوتة جدّا ، والمرتبة العليا منه لا تحصل إلّا للقليل.
والخشية حالة تحصل عند الشعور بعظمة الحقّ وهيبته ، وخوف الحجب عنه. وهذه حالة لا تحصل إلّا لمن اطّلع على حال الكبرياء ، وذاق لذّة القرب ، ولذا قال سبحانه : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) (٣) فالخشية خوف خاصّ ، وقد يطلقون عليها الخوف. انتهى.
وفي فروق اللغات للسيّد نور الدين الجزائريّ بعد نقل ما ذكر : ويؤيّد هذا الفرق أيضا قوله يصف المؤمنين : (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) (٤) حيث ذكر الخشية في جانبه والخوف في العذاب. انتهى.
__________________
(١) غافر : ٨٤.
(٢) يونس : ٩١.
(٣) فاطر : ٢٨.
(٤) الرعد : ٢١.