الفصل الخامس
في تفسير قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)
فنقول : لو قدّرنا في أوّل السورة «قولوا يا عبادي» ففي هذا الكلام التفات من الغيبة إلى الخطاب بخلاف ما لو قدّرناه هنا خاصّة ، ولكن يدلّ على الأوّل ما رواه الإمام أبو محمّد الحسن العسكريّ عليه السلام في تفسيره عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : لقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : قال الله : قسمت الحمد بيني وبين عبدي ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل،إذا قال العبد : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله عزّ وجلّ : بدأ عبدي باسمي ، حقّ عليّ أن أتمّم له أموره ، وأبارك له في أحواله.
فإذا قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال الله : حمدني عبدي وعلم أنّ النّعم الّتي له من عندي ، وأنّ البلايا الّتي اندفعت عنه فبطولي ، أشهدكم يا ملائكتي أنّي أضيف له نعم الدنيا إلى نعيم الآخرة ، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا.
وإذا قال : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قال الله : شهد لي عبدي بأنّي «الرحمن الرحيم» أشهدكم لأوفّرنّ من رحمتي حظّه ، ولأجزلنّ من عطائي نصيبه.
فإذا قال (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال الله : أشهدكم كما اعترف بأنّي أنا الملك