يوم الدين لاسهّلنّ يوم الحساب عليه حسابه ، ولاثقلنّ حسناته ، ولأتجاوزنّ عن سيّئاته.
فإذا قال العبد : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) قال الله : صدق عبدي إيّاي يعبد ، أشهدكم لاثيبنّه على عبادته ثوابا يغبطه كلّ من خالفه في عبادته لي.
فإذا قال : (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال الله : بي استعان عبدي وإليّ التجأ ، أشهدكم لأعيننّه في أمره ولاغيثنّه في شدائده ، ولآخذنّ بيده يوم نوائبه.
فإذا قال : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ، قد استجبت لعبدي وأعطيته ما أمّل وأمنته ممّا منه وجل (١). انتهى.
ولا ينافيه ما في هذا التفسير من تخصيص هذا الكلام بهذا التقدير حيث قال عند ذكره قال الله : قولوا يا أيّها الخلق المنعم عليهم (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أيّها المنعم علينا ، نطيعك مخلصين مع التذلّل والخضوع بلا رياء ولا سمعة ... إلى آخره. والوجه ظاهر للمتأمّل.
وليس في قوله (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٢) ومابعده التفات لجريان الكلام على أسلوبه المتعارف.
والمراد بالالتفات على اصطلاح جمهور أرباب المعاني هو التعبير عن معنى بطريق من المتكلّم والخطاب والغيبة بعد التعبير عنه بطريق آخر منها بشرط أن يكون التعبير الثاني على خلاف مقتضى الظاهر.
وعن السكاكيّ أنّه عبارة عن العدول عن مقتضى الظاهر مطلقا سواء عبّر
__________________
(١) تفسير الإمام العسكريّ : ٥٨.
(٢) تفسير الإمام العسكريّ : ٣٩ ، مجموعة ورّام ٢ : ٩٥.