عنه بطريق آخر غير التعبير السابق أو لم يعبّر ، وفائدة الالتفات هو التفنّن في التعبير وزيادة التمكّن والتقوية وغير ذلك.
ولعلّ النكتة في المقام ترقّي القاري عن الغيب إلى الشهود والعيان ، بمعنى أنّه في مقام كأنّه يرى الله ، فإنّه إن لم يكن يراه فهو تعالى يراه ؛ كما ورد في الحديث : اعبد الله كأنّك تراه ... إلى آخره.
و (إِيَّاكَ) بمجموعه ضمير على قول ، و «إيّا» خاصّة ضمير واللواحق حروف زيدت لبيان الحال على قول آخر ، وإنّما قدّم لإفادة القصر والاختصاص كما في تقديم كلّ ما حقّه التأخير ، ففيه إشارة إلى التوحيد في العبادة والبعد عن الرياء الّذي هو شرك كما ورد في جملة من الأخبار.
والعبادة : الذلّة والاستكانة والخضوع الكامل لدى حضرة المبعود ، وينبغي للعبد أن يذعن بأنّ الله هو المستحقّ لأن يعبد ، لأنّ له العظمة والكبرياء خاصّة لا يشاركه في ذلك أحد من عباده ؛ كما أشار إليه في الحديث القدسيّ ، فإذا عبد العبد معترفا بهذا المعنى كانت عبادته عبادة الأحرار لا عبادة العبيد والاجراء ؛ كما في بعض الأخبار.
وفي العدول عن «أعبد» إلى «نعبد» إدراج نفسه في أنفس العابدين ، وخلط عبادته بعبادة المخلصين لتقع مقبولة عند ربّ العالمين ، لأنّ المتاع المعيب إذا كان في جملة من الأمتعة الصحيحة لا يجوز ردّه إلّا بردّ الجميع ، والله عزّ وجلّ أكرم من أن يردّ عبادة هؤلاء بعيب عبادة واحد ، فلا محالة يقبل الجميع. ومن هنا وردت أخبار كثيرة مرغّبة في صلاة الجماعة ، ولا ريب أنّ الرحمة إذا نزلت عمّت.