بذلك ولا يتعيّن «الغير» فلا يعرّف ، لكن إذا أزيل الإبهام وقلّ العموم فالاشتراك يتعرّف قطعا ؛ إذ العلّة في عدم الكسب المذكور مفقودة هنا.
وتفصيل ذلك : إنّ «الغير» إذا أضيفت إلى شيء لم يكن له إلّا ضدّ واحد ، فاريد من ذلك نفي الضدّ وإثبات الشيء يعرّف بالإضافة كما في قولك الحركة غير السكون ؛ إذ ضدّ السكون هو الحركة فقط لا غيرها ، فاكتسب التعريف ، فيجوز أن يقال «غير المغضوب» صفة «للّذين» إذ «غير المغضوب عليهم» هم الّذين أنعم الله عليهم و «المغضوب عليهم» ضدّ «للّذين» إلى آخره ، وليس له ضدّ آخر ، فليتأمّل.
وقد قرئ «غير المغضوب» بالنصب على كونه حالا لـ «عليهم» أو مفعولا لـ «أمدح» أو «أعني» أو على انقطاع الاستثناء.
وقوله (وَلَا الضَّالِّينَ) عطف على ما سبق ، و «لا» بمعنى «غير» على ما قاله الكوفيّون ، ويؤيّده قراءة عليّ عليه السلام «غير الضالّين» وقيل : «لا» زائدة. فتأمّل.
المقالة الثانية : في معنى الفقرة
فنقول : المراد بقوله (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) هم النبيّون والصالحون والشهداء والصدّيقون ، ويؤيّده قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ) ... (١) إلى آخره ، والمراد من (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) هم اليهود لقوله تعالى : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ
__________________
(١) النساء : ٦٩.