العقاب ما فيه من الزجر المتقدّم للمكلّف ، ولا يمكن أن يكون مزجورا إلّا به ، ولولاه لكان مغريا بالقبيح (١). انتهى.
ولا يخفى أنّ الله كما هو خالق الخير خالق للشرّ أيضا ، وخلق الشرّ لمصلحة وحكمة ليس بقبيح ، وكون الشرّ من حيث هو شرّ لا ينافي حسنه من جهة أخرى ؛ كالزجر ، ومكافاة المسيء والظالم ، فالذمّ في قوله : (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) راجع إلى نفس جهنّم الّتي هي مرجع الكافر ومآله لا إلى فاعل العقاب.
وقوله تعالى : (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ * تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ) بيان لشدّة العذاب والتهاب النار عليهم.
و «الإلقاء» الطرح ، يقال : ألقيت الحطب على النار : إذا طرحته ورميته فيها ، ومنه قوله : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٢) ؛ أي تطرحوها.
(سَمِعُوا لَها) ؛ أي لجهنّم ونارها المسعرة فيها تشبيها لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق وهو صوت تقطيع النّفس ، أو صوت في الصدر ، كما أنّ الزفير صوت في الحلق.
وقد يقال : إنّ المراد شهيق أهل النار لقوله : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) (٣).
و (تَفُورُ) من الفور ، وهو ارتفاع الشيء بالغليان ؛ أي تغلي بهم غليان المرجل بما فيه.
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤١٠.
(٢) البقرة : ١٩٥.
(٣) هود : ١٠٦.