هذا الكلام أنّ حقائق الأشياء كما هي علمها خاصّ بالله ، وخارج عن الطاقة البشريّة ، ولكن يترشّح على العلماء وإن كانوا رسلا أو ملكا على حسب طاقتهم البشريّة والإمكانيّة ، ولذا قيل :
كيف الوصول إلى سعاد ودونها |
|
قلل الجبال ودونهنّ حتوف |
والرجل حافية ومالي مركب |
|
والكفّ صفر والطريق مخوف |
وكيف كان ، فكلمة «إنّما» تفيد حصر العلم مطلقا فيه تعالى من قبيل حصر الصفة في الموصوف ، ومن المحتمل كون «اللام» نائبة عن الضمير على ما جوّزه الكوفيّون ؛ أي إنّما علم هذا الوقت عند الله. فتأمّل.
وكيف كان ، فالقصر قصر أفراد ، لاعتقاد المخاطبين الشركة في صفة العلم المطلق أو الخاصّ بينه تعالى وبين غيره ، وحقيقيّ ، فإنّ العلم المذكور لا يتجاوزه إلى غيره في الحقيقة ونفس الأمر. فليتأمّل.
ومثله القصر في قوله : (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) فإنّه أيضا أفراد ، ولكنّه غير حقيقيّ ، ومن قبيل قصر الموصوف على الصفة.
و «النذير» المنذر ، أي : المخوّف من العذاب.
و «المبين» الظاهر صدقه ، أو المظهر حجّته بالبيّنات والآيات.
قال الطبرسي رحمه الله : أي مبيّن لكم ما أنزل الله إليّ من الوعد والوعيد والأحكام (١).
(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أشار بالتعبير عن المستقبل بلفظ الماضي إلى أنّ وقوع هذا الوعد أمر يقينيّ
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤١٥.