لا ريب فيه ، فهو بمنزلة الماضي الواقع قطعا ، هذا مع أنّ الماضي والمستقبل والحال بالنسبة إلى الحقّ تعالى سواء ؛ كما حقّق في محلّ آخر.
نعم ، عن مجاهد : أنّ المراد بـ «ما رأوه» ما وقع على الكفّار يوم بدر من القتل والأسر ، فلا حاجة إلى التأويل ، ولكنّه خلاف الظاهر.
و «الزلفة» و «الزلفى» القربى ، ومنه قوله : (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) (١) أي قربت ؛ أي فلمّا رأوا العذاب الموعود قريبا منهم.
وقيل : أي معاينة بعين اليقين.
وقيل : إنّ المعنى إذا بعثوا ورأوا القيامة قد قامت ورأوا ما أعدّ لهم من العذاب «سيئت وجوه الّذين كفروا» : اسودّت وجوههم.
وقيل : أي قبحت وجوههم بلون السواد.
وقيل : أي ظهرت على وجوههم آثار الكآبة والغمّ والحسرة ، ونالهم السوء والخزي والافتضاح.
وقيل : ظهر كذبهم فيما يدّعون.
قوله «وقيل» ... إلى آخره ، القائل بهذا القول لهم الملائكة ، أو خصوص الزبانية ، أو الأنبياء ، أو المؤمنون.
و «تدّعون» بسكون «الدال» من الدعاء أو بتشديدها على القراءة المشهورة من الادّعاء ، والمعنى واحد ؛ كما في «تدخرون» و «تدّخرون».
قيل : أي تدّعون أن لا جنّة ولا نار ، ولا حساب ولا مجازاة ، وأن لا حياة إلّا حياتنا الدنيا نموت ونحيى وما يهلكنا إلّا الدهر.
__________________
(١) ق : ٣١ ، والشعراء : ٩٠.