الفصل الثالث
في تفسير قوله تعالى (رَبِّ الْعالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
وفيه مراصد وخاتمة.
المرصد الأوّل : في إعرابه
فنقول : القراءة المشهورة المعمولة بها جرّ «الربّ» ليكون بدلا لقوله «لله» بدل المطابق ، ويحتمل كونه صفة له ، واختاره الطبرسيّ أيضا ، وفيه نظر ؛ إذ المطابقة المعتبرة بين الموصوف والوصف مفقودة هنا ، لتعريف الأوّل دون الثاني ، لأنّ «الربّ» صفة مشبّهة ، وإضافتها لفظيّة ، وهي لا تكتسب التعريف.
والقول بأنّ معنى «الربّ» ماض ، فالإضافة معنويّة ؛ كقوله (فاطِرِ السَّماواتِ) (١) إلى آخره ، مخدوش للزوم ذلك عدم كونه تعالى ربّا ومربّيا للعالم في الحال والاستقبال ، بل الربّ من صفات الذات إن عني به السيّد ، ولو عني به المدبّر لخلقه فمن صفات الفعل ، فلا يصحّ أيضا نفي تدبيره في سوى الماضي ، إلّا أن يراد من التدبير : التدبير التقديريّ لا التكوينيّ. فليتأمّل.
__________________
(١) الأنعام : ١٤.