وتفصيل باب المخاطبة في النحو ، وقد ذكره ابن مالك في التسهيل فراجع.
وقولهم (بَلْ تَحْسُدُونَنا) ردّ على المؤمنين وتكذيب لهم في قولهم : إنّ الله وعدنا خاصّة غنيمة خيبر ، وهذا راجع إلى تكذيب الرسول في وحيه ، وقوله تعالى : (بَلْ كانُوا) ردّ على المنافقين في اعتقادهم أنّ منعهم عن النفر للحسد ، وأنّ قولهم ذلك لعدم شعورهم ، وقوله : (إِلَّا قَلِيلاً) ؛ أي إلّا فقها قليلا ، فيكون وصفا للمصدر المحذوف أو القليل منهم ، فيكون مستثنى من ضمير الجمع ؛ كما في قوله تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (١) فيجوز فيه الرفع على البدليّة ، والنصب على الاستثناء.
و «الفقه القليل» على الأوّل هو الشعور الحيوانيّ الّذي هو إدراك اللذّات والآلام الحسّيّة ، فإنّه قليل بالنسبة إلى الإدراكات العقليّة الروحانيّة الخاصّة بالأناسيّ الإلهيّين ، والإخوان الروحانيّين ، وعلى الثاني هو من تاب منهم فأحسن عقيدته ، وآمن بقلبه كما آمن بلسانه ، وهو قليل في هؤلاء المخلّفين ؛ كما قال : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٢).
ويحتمل أن يراد به من عرف الحقّ بقلبه ولكن أنكره من باب العناد ، والعصبيّة ، وحقد الجاهليّة ، وحب الرئاسة ، فافهم.
وفي الآية دلالة واضحة على أنّ المنافقين ليسوا بمؤمنين ، بل أولئك هم الكافرون حقّا.
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ
__________________
(١) النساء : ٦٦.
(٢) سبأ : ١٣.