ماضي لـ «ذر» كـ «دع» و «هب» بمعنى احسب ، إلّا أنّ «هب» هذه من الجوامد المطلقة ؛ كـ «نعم» و «بئس» في الماضي.
وإنّما قالوا ذلك لتكذيب وعد الله المغانم في خيبر للسائرين إلى الحديبيّة خاصّة ؛ لا يشركهم فيها غيرهم. وهذا هو المراد بكلام الله.
وعن الجبّائيّ : إنّ المراد به قوله تعالى لهم حين تثبّطوا عن الخروج إلى تبوك : (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) (١) فأرادوا بالخروج تكذيب هذا الكلام.
قال شيخنا الطبرسيّ رحمه الله في مجمع البيان : وهذا غلط فاحش ، لأنّ هذه السورة نزلت بعد الانصراف من الحديبيّة في سنة ستّ من الهجرة ، وتلك الآية ـ أي قوله : (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) ـ نزلت في الّذين تخلّفوا عن تبوك.
وكانت غزوة تبوك بعد فتح مكّة وبعد غزوة حنين والطائف ورجوع النبي صلّى الله عليه وآله منها إلى المدينة ومقامه ما بين ذي الحجّة إلى رجب ، ثمّ تهيّأ في رجب للخروج إلى تبوك ، وكان منصرفه صلّى الله عليه وآله من تبوك في بقيّة رمضان من سنة تسع من الهجرة ، ولم يخرج بعد ذلك لقتال ولا غزو إلى أن قبضه الله تعالى ، فكيف تكون هذه الآية مرادة بقوله (كَلامَ اللهِ) وقد نزلت بعده بأربع سنين (٢)؟ انتهى.
و «كم» في «كذلكم» حرف الخطاب ، وإنّما جمع لتعدّد المخاطب بهذا الخطاب ، وأفرد الإشارة لأنّ المشار إليه الوعد المذكور ، وهو أمر واحد ،
__________________
(١) التوبة : ٨٣.
(٢) مجمع البيان ٥ : ١١٤.