(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) قد برهنّا في «زبرنا الفقهيّة» أنّ البسملة من السورة ، وبيّنّا تفسيرها في تفسيرنا لسورة الفاتحة.
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) الفتح والإفتاح والتفتيح والافتتاح في الأصل هو ضدّ الإغلاق ، وإلى هذا الأصل يؤول جميع ما ذكروه من المعاني ؛ كالعلم ، والحكم ، والبسط ، والنصر ، والقهر ، والتيسير (١) ، وبكلّ فسّرت الآية ، وإن احتيج في بعضها إلى تقدير اللام مبنيّة للمفعول بتقدير الإرادة ونحوها ، ولكن الّذي أحتمله وظنّي أنّه لم يسبقني إليه أحد أنّ المراد به هو فتح أبواب خزائن الجود ؛ أعني إفاضة الوجود على المهيّات الإمكانيّة الّتي في أنفسها أعدام ، بإخراجها من الغيب إلى عرصة الشهود ، فإنّ أبواب الوجود كانت مغلقة عليها مع ملاحظتها من حيث «هي هي» فإنّها من هذه الحيثيّة ما شمّت رائحة من الوجود.
واللام إشارة إلى أنّ مدخولها وهو الحقيقة المقدّسة المحمّديّة كانت علّة غائيّة للإيجاد ، كما قال : خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي. وقال : لولاك لما خلقت الأفلاك (٢). أو فتح أبواب المعرفة بالآثار والصفات الفعليّة المشار إليها بقوله عزّ وجلّ : كنت كنزا مخفيّا فخلقت الخلق لكي أعرف (٣). إذ ليس المراد بهذه المعرفة معرفة الذات ، فإنّ الحقّ لا يعرفه إلّا الحقّ ، فأبواب معرفة الذات مسدودة على غير أهله.
__________________
(١) «أ» : التيسّر.
(٢) بحار الأنوار ١٥ : ٢٨.
(٣) جاء في بيان العلّامة : «كما قال سبحانه : كنت ...» إلى آخره. بحار الأنوار ٨٧ : ١٩٩.