بمعرفة الحقائق فقال : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ).
قال ابن عطاء : ألا يعلم من خلق الصدور وما يحدث فيها من حوادث العوارض. انتهى.
و «الهمزة» في «ألا يعلم» للإنكار الإبطاليّ ؛ كما عرفته في نظائره. فكما أنّ قوله «إنّه عليم» تعليل لما تقدّمه ، فهذا برهان على إثبات علمه بالظواهر والبواطن. والظاهر أنّ «من خلق» فاعل لـ «يعلم» أي يعلم الخالق للخلق ما في صدورهم ، ويحتمل أن يكون مفعولا والضمير المستتر فيه فاعلا ، أي يعلم الله من خلقه.
والمراد بـ «اللطيف» في أسمائه تعالى : العالم بالشيء اللطيف ؛ كالبعوضة وأخفى منها ـ كما في بعض الروايات ـ أو الرفيق بعباده الّذي يوصل إليهم ما ينتفعون به في الدارين.
وب «الخبير» : العالم بما كان وما يكون ؛ لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء ، الواقف على حقائق الأشياء وبواطنها ، وجملة (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) في محلّ النصب على الحاليّة.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ذكر الله في هذه الآية بعض أنواع النعم ، وبيّن لعباده بعض أصناف الكرم ، لعلّهم يشكرون ، وبآياته يهتدون ، وهو أن سهّل لهم القرار في الأرض ، والمعاش فيها ؛ بأن جعلها ساكنة مسخّرة يعملون فيها ما يشتهون ، ولم يجعلها بحيث لم يتمكّنوا من التصرّف فيها لحزونتها وغلظتها ، وصعوبة المشي والاختلاف فيها ، والنيل منها ، بل جعلها ذلو لا يتصرّفون