أقول : الحقّ قول البصريّين ، وإليه ذهب الجمهور من المتقدّمين والمتأخّرين ، لكن يحتمل ضعيفا أن يقال : إنّ في الاسم النحويّ وجهين ، وفي البسملة ونحوها يتعيّن اشتقاقه من الوسم. فتأمّل.
الجنّة الرابعة : في الفرق بين الاسم والمسمّى والتسمية
قد تشاجر الأصحاب في اتّحاد الثلاثة وتغايرها على أقوال ؛ الأوّل : إنّ الاسم نفس المسمّى نظرا إلى أنّ الله كان له في الأزل أسماء فهي قديمة بل عين الذات ، وإلّا ليلزم تعدّد القدماء. وبطلانه ظاهر.
وإلى قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (١) فلو لم يكن الاسم نفس المسمّى لما صحّ التسبيح ، لأنّه خاصّ بذات الباري ، وكذا قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (٢).
وإلى قوله : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (٣) ولا يخفى أنّهم ما كانوا عابدين للألفاظ ، بل للمسمّيات.
والجواب عن الجميع مجملا يظهر ممّا سيجيء.
ومن أنّكم لو أردتم من الاسم هو الذات فهذا أوّل الكلام ، بل لا يطلق على المسمّى أصلا إلّا على وجه الكناية كما ستعلم ، فلا نسمع أن يقال : جاء اسم زيد أو رأيت عمروا اسمه مريدا للذات ، ولو أردتم به الحروف
__________________
(١) الواقعة : ٧٤ ، ٩٦ ، الحاقّة : ٥٢.
(٢) الأعلى : ١.
(٣) يوسف : ٤٠.