فكما أنّ كلمة «كن» صورة هذه الإرادة ، فكذلك كلمة «التهليل» صورة التوحيد.
والمقصود هو حقيقته ومعناه ، وإنّما نسبت إلى التقوى ؛ لأنّ المقرّ بالصانع وتوحيده بحقيقة الإقرار لا يخالف أمره ، ولا يرتكب متعلّق نهيه.
والتقوى حقيقتها هي التورّع عن معاصي الله.
وبالجملة : «الكلمة» قد تطلق على كلّ واحدة من الماهيّات باعتبار وجودها في الخارج ويقال لها : «الكلمة الوجوديّة» ويطلق عليها بدون هذا الاعتبار «الحرف الغيبيّ» ويطلق على المجرّدات والمفارقات «الكلمة التامّة» ولتفصيل ذلك محلّ آخر.
وفسّرها بعضهم بالبسملة والإقرار بالرسالة.
والمراد بـ «إلزامهم هذه الكلمة» أنّهم لا يفارقونها ، بل هم ثابتون على الإيمان لا ينكثون عهد الله ورسوله فيه ، فهم أحقّ بهذه الكلمة ، ومستأهلين لها.
وقيل : الضمير راجع إلى مكّة ، لأنّهم أهل الله ، فهم أحقّ ببلد فيه بيت الله.
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) اللام توطئة للقسم المحذوف ، ووجه التوكيد بالقسم إنكار المنافقين صدق هذه الرؤيا ، فإنّ الله لمّا أرى نبيّه في المنام بالمدينة أنّ المسلمين دخلوا المسجد الحرام محلّقين ومقصّرين أخبر بذلك أصحابه ، فلمّا خرج إلى الحديبيّة حسبوا أنّهم يدخلون مكّة في عامهم هذا ، فلمّا