المخزن الثاني : في بيان اشتقاق الجلالة وذكر الخلاف وما يتعلّق بذلك
فنقول : قد تشاجر المتشاجرون في جمود الجلالة وعدم المبدأ لها وفي اشتقاقه ، فمال فرقة كالخليل ومن حذا حذوه إلى الأوّل ، فلعلّ نظرهم إلى أغلبيّة الجمود في الكلمات ، فالحمل على الأغلب أغلب ، وإلى أصالة عدم الاشتقاق ، وقالوا : ليس يجب في كلّ لفظ الاشتقاق وإلّا لتسلسل.
ومال الجمّ الغفير وهو مذهب الكثير إلى الثاني نظرا إلى أنّ أكثر الأسماء الإلهيّة مشتقّ ، بل الكلّ كذلك ، فالحمل عليه هو المتعيّن ؛ وفيه نظر ؛ إذ الأسماء كلّها سوى الجلالة صفات ، والاشتقاق لا ينافي الوصفيّة بخلافها ، لكن الحقّ عندي اشتقاقه لما روي في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال : يا هشام «الله» مشتقّ من إله ، والإله يقتضي مألوها ... (١) إلى آخره. فيردّ ذلك أصالة العدم المذكورة وغيرها ممّا استدلّ به النافون.
وكذا الخلاف في سريانيّها وعربيّها ، والثاني هو المشهور.
وكذا اختلف القائلون بالاشتقاق على أقوال كثيرة حتّى قيل : كادت الأقوال أن تبلغ أربعة وعشرين :
منها : أنّه من «أله» إذا تحيّر لتحيّر العقول في كنه معرفته ، وأله الخلق في درك مائيّته أي تحيّر.
ومنها : أنّه من «لاه» أصله «ليه» أي خفي وغاب ، فهو إله ؛ أي مستور عن الأبصار ، ومخفيّ عن الأنظار ، فقصر عن رؤيته أبصار الناظرين ، وبصر
__________________
(١) الكافي ١ : ٨٧ ، التوحيد : ٢٢٠.