التوحيد نفي الصفات عنه» (١).
المقصد الرابع : في الرابعة :
فنقول : الفرق بين واحديّته سبحانه المنصوص عليها في مواضع من الكتاب وفي كثير من الأدعية المأثورة عن الأئمّة المعصومين الأطياب ، وبين أحديّته الّتي أخبر بها في هذه الآية المباركة وأمر نبيّه صلّى الله عليه وآله بإظهارها لعباده ، أنّ الواحديّة عبارة عن كونه تعالى بحيث لا شريك له في وجوب الوجود بالذات ، وفي الوجود الحقيقيّ ولا في الإلهيّة ، ولا في الخالقيّة ، ولا في غير ذلك من الصفات الكماليّة الحقيقيّة.
وبعبارة أخرى : لم يتحقّق في الخارج لمفهوم واجب الوجود فرد سوى الحقّ الموجود في نفسه لنفسه بنفسه ، وذلك لأنّه تعالى صرف الوجود ، وصرف الوجود إمّا مقتض للوحدة ، أو للكثرة ، أو لا يقتضي شيئا منهما ، لا سبيل إلى الثاني لإيجابه عدم تحقّق الواحد أصلا ، فلا يتحقّق الكثير ، فإنّه مبدئه ، ولا إلى الثالث لاستلزامه كونه تعالى في وحدته معلّلا بالغير ، فتعيّن الأوّل وهو المطلوب ، والبراهين على وحدانيّته بالمعنى المذكور ساطعة ؛ بل
وفي كلّ شيء له آية |
|
تدلّ على أنّه واحد |
وشبهة ابن كمّونة حيث قال : لم لا يجوز أن يكون هناك هويّتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفتان بتمام الماهيّة ، يكون كلّ منهما واجب الوجود بذاته ، ويكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما مقولا عليهما
__________________
(١) جاءت هذه الرواية في نهج البلاغة في الخطبة الاولى هكذا : «... وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ...».