قولا عرضيّا ، واهية واضحة الدفع ، مع أنّها في مقابلة الضرورة ، وأوهى منها شبهة الثنويّة وسائر ما ربّما يتوهّم من الشبهات الواهية ، وأوهن من الجميع الشبهة في وجود الصانع الحقّ تعالى (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (١) تعالى الله عما يصفون وسبحانه عما يشركون.
و «الأحديّة» عبارة عن بساطته وتنزّهه عن التركيب من الأجزاء العقليّة والخارجيّة ، فإنّ كلّ مركّب مفتقر في تقوّمه إلى الأجزاء ، وواجب الوجود لا بدّ أن يكون غنيّا بالذات ، فكما أنّ لفظ «الله» جامع لمجامع صفاته الجماليّة المعبّر عنها بالصفات الثبوتيّة تارة ، وبصفات الإكرام [اخرى] ، كذلك لفظ «الأحد» دالّ على مجامع الصفات الجلاليّة المعبّر عنها بالصفات السلبيّة ، وهي راجعة إلى سلب واحد ، وهو سلب الاحتياج ، والإذعان بهذا السلب كما أنّ الإذعان الإجماليّ باتّصافه تعالى بكلّ كمال ذاتيّ كاف عن الإذعان التفصيليّ.
وإن شئت قلت : إنّ الإذعان بوجوب وجوده مغن عن إثبات كلّ واحد واحد من الصفات الحقيقيّة الثبوتيّة ؛ كالعلم والقدرة ونحوهما ، فإنّ واجب الوجود لذاته وبذاته لا يعقل أن يكون ناقصا بالجهل والعجز ونحوهما من النقائص ، وهذه الصفات مبادئ للصفات الإضافيّة المعبّر عنها بالقيموميّة كالعالميّة والقادريّة ونحوهما من الإضافات ، وهي زائدة على الذات ؛ إذ لو كانت عينه لزم كونه نسبة اعتباريّة ؛ إذ المفروض كونها اعتباريّة انتزاعيّة بخلاف غيرها من الصفات الحقيقيّة ، فإنّها متّحدة مع الذات ؛ كما حقّق في محلّ آخر.
__________________
(١) إبراهيم : ١٠.