قال الطبرسيّ رحمه الله : فجعلهم بمنزلة قوم قد أدير حولهم ؛ فما يقدر أحد منهم أن يفلت (١).
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً * سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
أراد بـ «الّذين كفروا» كفّار قريش الّذين كانوا بمكّة.
و «تولية الدبر» كناية عن الفرار والانهزام.
وقيل : المراد بالّذين كفرواهم الّذين همّوا بالإغارة على أموال المسلمين بالمدينة من أسد وغطفان.
ومحصّل الآية : أنّ الله كان ينصر المؤمنين على الكافرين لقدرته على نصر من ليس له عدد ولا عدّة ، فإنّ الأمور كلّها بيد الله ؛ يذلّ من يشاء ، ويعزّ من يشاء ، ويخذل من يشاء ، وينصر من يشاء ، وهذه سنّة الله وطريقته القديمة الّتي سلفت في أنبيائه والمعاندين لهم ، فإنّ حزب الله هم الغالبون.
ونصب «سنّة الله» بفعل محذوف ؛ أي سنّ سنّة الله.
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) امتنّ الله عليهم بكفّ تعرّضهم للكفّار ، وكفّ تعرّض الكفّار لهم بالأمر بالصلح ، وإلقاء الرعب في قلوب الكفّار حتّى يرضوا به.
وقد روي أنّ ثمانين منهم طافوا بعسكر المسلمين ليصيبوا منهم ،
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد ٥ : ١٨٦.