بالمطلوب في الخلاص من العذاب ، والبقاء على دوام الرحمة.
قيل : الفلح ضربان : دنيويّ وأخرويّ.
والأوّل : الظفر بما تطيب به الحياة الدنيا.
والثاني : ما يفوز به الرجل في دار الآخرة.
وكيف كان فلا يطلق المفلح إلّا على من عقل وحزم وتكاملت فيه خلال الخير ، ولذا قال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) ... (١) إلى آخره.
وقال في وصف المتّقين : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٢) قيل : أي من مكائد النفس والشيطان ، وأيضا : مفلحون من الله بالله.
وقيل : أولئك الّذين لزموا طريق المواصلة بالانفصال عمّا سوى الحقّ ، فأفلحوا فانقطع الحجب عن قلوبهم فشاهدوا.
وفي قولهم في الأذان والإقامة «حيّ على الفلاح» إشارة إلى أنّ الصلاة عمدة ما يصل بها العبد إلى هذا المقام الشريف ، ولذا ورد : أنّ الصلاة عمود الدين ومعراج المؤمنين.
والوجه في تقديم «التجارة» على «اللهو» أوّلا ، والعكس ثانيا في قوله سبحانه : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) أنّ التجارة كانت مهتمّا بشأنها عند العقلاء ، وكان المقام مقام الذمّ والتشنيع على المعرضين عن الصلاة لأمر دنيويّ ناسب الترقّي من الأعلى إلى الأدنى ، لأنّهم لعدم رسوخ الإيمان في
__________________
(١) المؤمنون : ١.
(٢) البقرة : ٥ ، والتوبة : ٨٨ ، والنور : ٥١.