قلوبهم مائلون إلى النفع الدنيويّ ، فإن حصل الكثير منه رجّحوه على القليل منه ، وإن لم يحصل الكثير الّذي يهتمّ به العقلاء اكتفوا بالقليل منه حتّى بما لا يترتّب عليه نفع عقلائيّ ، ومع ذلك يرجّحونه على الصلاة الّتي هي عمود الدين ، وفي هذا كمال التشنيع عليهم ، ونظير ذلك أنّك لو أردت التشنيع على بخيل تقول : فلان لا يعطي دينارا ولا درهما ، تعني أنّه لا يعطي الكثير ، بل لا يعطي القليل.
وأمّا وجه تأخير «التجارة» عن «اللهو» أخيرا ، فلأنّ المقام مقام الترقّي من الأدنى إلى الأعلى ، فإنّه سبحانه في مقام بيان أنّ الثواب الجزيل الأخرويّ راجح على اللهو الّذي لا نفع فيه ولا اهتمام بشأنه عند العقلاء ، بل راجح على التجارة الّتي هي محلّ اعتناء العقلاء ، فإنّ النفع المترتّب عليها فان زائل عن قريب ، بخلاف الثواب الدائم الّذي لا يفنى ولا يبيد.
قال عليه السلام :
فإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة |
|
فدار ثواب الله أعلى وأنبل |
وقال أيضا :
هب الدنيا تساق إليك عفوا |
|
أليس مصير ذاك إلى زوال |
وما ترجو لشيء ليس يبقى |
|
وشيكا قد تغيّره اللّيالي |
وكيف كان ففي «الحقائق» بعد ذكر هذه الآية : أخبر الله سبحانه وتعالى أنّهم في أوائل إرادتهم إذا لم يبلغوا إلى حدّ الاستقامة في الصحبة شغلتهم حوائج النفوس عن صحبة النبيّ صلّى الله عليه وآله فعاتبهم الله بذلك ، وأمره صلّى الله عليه وآله أن يخبرهم أنّ ما عند الله من مشاهدته صلّى الله عليه وآله