المرصد الثاني : في كشف الحجاب عن معانيهما
فنقول : هما من الأوصاف المشبّهة ، وفيهما معنى المبالغة ، وهي في «الرحمن» أبلغ لكثرة مبانيه ، وهي دالّة على كثرة المعاني على ما قاله الشيخ البهائيّ والقاضي البيضاويّ.
وبالجملة : هما مأخوذان من الرحم ، ومنه يؤخذ الرّحم لمنبت الولد.
قال الكفعميّ في «المصباح» : الرحمة لغة رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضّل والإحسان ، ومنه الرّحم لانعطافها على ما فيها.
ونقل عن المرتضى رحمه الله أنّه قال : ليست الرحمة عبارة عن رقّة القلب والشفقة ، إنّما هي عبارة عن الفضل والإحسان والإنعام.
قال : فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة ، وعلى الأوّل مجازا.
ونقل عن أحمد بن فهد رحمه الله أنّه قال : إنّ رقيق القلب من الخلق يقال له رحيم ، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقّة ، وأقلّها الدعاء للمرحوم والتوجّع له ، وليست في حقّه تعالى كذلك ، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه (١).
أقول : الرحمة لها معان كثيرة على الاشتراك ؛ تختلف باختلاف المواضع :
فمنها : «النعمة» كما قال : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٢).
__________________
(١) مصباح الكفعميّ : ٣١٧.
(٢) الأنبياء : ١٠٧.