أنحاء التكسير فتدبّر. وقد استخرجنا من البسملة كلمات أخر أشرنا إليها في تفسير سورة الفاتحة (١) ، وكذا إلى جملة من فضائلها وخواصّها وإلى أدلّة جزئيّتها لكلّ سورة.
قال سبحانه : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) التصدير بكلمة التحقيق للدلالة على أنّ المذكور بعدها ممّا له تحقّق وثبوت في نفس الأمر ، بحيث لا مجال لاعتراء الارتياب فيه والإنكار عليه ، والمخاطب بهذا الخطاب ليس منكرا حتّى يجب التأكيد ، ولا متردّدا حتّى يستحسن ، ولا منزلا منزلة أحدهما. فانحصرت الفائدة في ذكرها فيما ذكرناه مع أنّ فيه تحسينا للكلام.
وقد صرّح التفتازانيّ بأنّه لا تنحصر فائدة إنّ في تأكيد الحكم نفيا لشكّ أو ردّا لإنكار ، قال : ولا يجب في كلّ كلام مؤكّد أن يكون الغرض منه ردّ إنكار محقّق أو مقدّر (٢). انتهى.
وفي التعبير بإنّا دون إنّي دلالة على إظهار العظمة والكبرياء ، وقد جرت عادة السلاطين والعظماء على التعبير عن أنفسهم بما يعبّر به عن الجمع تصدر إلى ما ذكر من إظهار العظمة ، وكذا جرت العادة في مخاطبة العظماء والإخبار عنهم ، بل ربّما ينادى الواحد بنداء الجمع لذلك أو للإشارة إلى أنّه
__________________
«البسط» فراجع ، أيضا : راجع كلمة التكسير منه. طبع مكتبة النهضة المصريّة. أيضا راجع : منتخب قواميس الدرر للمؤلّف رحمه الله : ٣٧.
(١) اسمه «الأنوار السانحة في تفسير سورة الفاتحة» موجود ضمن هذه المجموعة. فراجع. وقد ذكر المصنّف رحمه الله في آخره أنّ هذه الرسالة كتبها قبل زمان بلوغه. وهو لا شكّ من بالغ عنايات ربّه.
(٢) كتاب المطوّل «أحوال الإسناد الخبريّ» الطبع الحجريّ بخطّ عبد الرحيم : ٤٢ والطبع الحديث بحاشية السيد مير شرى : ٥٣.