البسملة بيننا وبينك حكما وجوّزت منها أحكاما فلتنصرنّ البسملة الأخيار منّا على الأشرار ولتفضّلنّ أصحاب الجنّة على أصحاب النار ، وقالت لك البسملة بلسان حالها : إنّما الله ربّ للمسيح راحم ، النحر لامم لها المسيح ربّ ، ما برح الله راحم للمسلمين ، سل ابن مريم أحلّ له الحرام ، لا المسيح ابن الله محرّر ، لا مرحم للئام أبناء السحرة. رحم حرّ مسلم أناب إلى الله ، لله نبيّ مسلم حرّم الرّاح ، الحلم ربح رأس ماله الإيمان ... إلى أن قال : ثمّ انظر إلى البسملة قد تخبر أنّ من وراء حولها خيولا وليوثا ، من دون طلّها سيولا وغيوثا. ولا تحسبنّي استحسنت كلمتك الباردة فنسجت على منوالها ، وقابلت الواحدة بعشر أمثالها ، بل أتيتك بما يبغيك فيبهتك ، ويسمعك ما يصمّك عن الإجابة ويصمتك ، فتعلم به أنّ هذه البسملة مستقرّ لسائر العلوم والفنون ، ومستودع لجوهر سرّها المكنون ، ألا ترى أنّ البسملة إذا حصلت جملتها كان عددها سبعمائة وستّة وثمانين فوافق جملها مثل عيسى كآدم ليس لله شريك بحساب الألف الّتي بعد لامي الجلالة ، ولا أشرك به أحدا يهدي الله لنوره من يشاء بإسقاط ألف الجلالة ، فقد أجابتك البسملة بما لم يحط به جزء ، وجاءتك بما لم تستطع عليه صبرا ... (١) إلى آخره.
ولا يخفى أنّ ما استخرجه النصرانيّ والبوصريّ لا يوافق شيئا من التكسيرين المعروفين بين أهل الجفر ؛ أعني التكسير بالصدر المؤخّر والتكسير بالصدر المقدّم (٢) ، ولعلّ ذلك بموافقة الحروف أو بنحو آخر من
__________________
(١) كتاب الكليات ، لأبي البقاء الحسينيّ الكفويّ : ٦ ـ ٧ بالطبع الحجريّ ط ايران ١٢٨٦ ق.
(٢) بيان مسألة التكسير المصطلح في الجفر موجود في كشّاف اصطلاحات الفنون ١ : ١٨٣ كلمة