والتماميّة والنقصان أمران إضافيّان ، فتكون بداية شيء نهاية لشيء آخر ، وقد يكون أمر حسنة بالنسبة إلى شخص ، سيّئة بالنسبة إلى آخر ، ولذا لا يرتضى للخواصّ توحيد العوامّ وإن كان مرضيّا بالنسبة إليهم ، وتوحيد الخواصّ غير مرضيّ لخاصّ الخاصّ وإن كان مرضيّا لهم ، ولذا ورد : إنّ حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين (١).
ففي العدول عن «على» إلى «مع» إشعار بأنّهم يثابون على كلّ من الإيمانين على حدة ، فيؤتون أجرهم مرّتين ؛ وإن كان أجرهم على الثاني أعظم ، ولكن يشترط في إيتاء الأجر الموافاة على الإيمان وعدم التقصير في ترتيب مقدّمات فعليّة القابليّات في كلّ مرتبة حصلت للمكلّف بالوصول إليها ، فإنّ الله لا يكلّف نفسا إلّا ما آتاها من الاستعداد ، فهو مؤاخذ بتضييع هذه القابليّة والتفريط في استكمالها بالوصول إلى مقام الفعليّة قبل أن يفاجئه الموت :
ترسم نشده غوره ، انگور ، خزان آيد |
|
يا مى نشده ، انگور ، ماه رمضان آيد |
(وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) ذكر هذه الجملة بعد ذكر إنزال السكينة لزيادة اطمئنان المؤمنين وثباتهم ، فإنّه إذا كان جميع جنود السماوات والأرض من الملائكة والجنّ والإنس مملوكين لله أو
__________________
(١) هذه الجملة مع معروفيّتها فإنّها ليست برواية ، بل هي جملة معروفة عند العرفاء وعلماء الأخلاق ، ويحتمل أن تكون صدرت من عالم ، فظنّها الآخرون بأنّها رواية فنقلوها كالرواية والله العالم.