وبالإيمان المزداد معرفتهم بحقّ اليقين وعين اليقين ، فإنّ مراتب المعرفة منحصرة في هذه الثلاث ؛ كما فصّل في محلّه.
وسادسها : إنّ المراد بإيمانهم السابق تصديقهم بالنبوّة ، وبالإيمان المزداد تصديقهم بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد قال ابن عبّاس : إنّ أوّل ما أتاهم به النبيّ ، التوحيد ، فلمّا آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة والزكاة ، ثمّ الحجّ ، ثمّ الجهاد ، ثمّ ولاية عليّ بن أبي طالب ، فازدادوا إيمانا إلى إيمانهم ، وأتمّوه بولاية عليّ عليه السلام (١).
وسابعها : إنّ المراد بإيمانهم هو الإيمان السلوكيّ الّذي لا يطمئنّ فيه قلب السالك ، لكونه بين الخوف من عدم الوصول ورجائه ، وبالإيمان المزداد هو الإيمان الوصوليّ الّذي يرتفع معه الخوف. فتفطّن.
ثمّ في قوله : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ) ... إلى آخره. إشارة إلى بطلان القول بالتفويض ، كما أنّ قوله : (لِيَزْدادُوا) يبطل القول بالجبر ، فيثبت الأمر بين الأمرين الّذي هو أوسع ممّا بين السماء والأرض ؛ كما يرشد إليه قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (٢) فالعمل من العبد ، والمعونة من الربّ.
وفي التعبير بـ «مع» المشعرة بالاستقلال إشعار بتماميّة إيمانهم السابق في حدّ نفسه بالنسبة إلى تلك الحال ، نظير تماميّة النطفة قبل أوان صيرورتها علقة ، وتماميّة العلقة قبل زمان كونها مضغة ، وهكذا.
فإنّ تماميّة الشيء هو كونه على ما ينبغي أن يكون عليه في زمانه وأوانه ،
__________________
(١) انظر : مجمع البيان ، المجلّد ٥ : ١٦٩.
(٢) الفاتحة : ٥.