مستجمع لجميع مراتبهم وكمالاتهم ؛ كما في قوله تعالى مخاطبا لنبيّنا صلّى الله عليه وآله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) (١) ... إلى آخره.
فإذا جاز هذا التعبير بالنسبة إلى من عظمته موهومة اعتباريّة (٢) أو إضافيّة ، فكيف لا يجوز بالنسبة إلى من عظمته حقيقيّة سرمديّة كبريائيّة مطلقة أبديّة وأزليّة؟! فهو العظيم فوق كلّ عظيم ، لا يشاركه في عظمته شيء ، ولا يدانيه في كبريائه أحد من العالمين.
وفيه أيضا إشارة إلى تعظيم المعطى له ، فإنّ العظيم لا يخاطب غالبا إلّا العظيم اللائق لمخاطبته ومكالمته ، وإلى تعظيم المعطى أي العطيّة ، فكما «أنّ الهدايا على مقدار مهديها» فكذلك العطايا على مقدار معطيها ، وأمّا تقدّم المعطى له على المعطى مع أنّه المقصود الأهمّ في هذا المقام ، فلأمر لفظيّ ، وسرّ لبّيّ.
أمّا الأوّل ، فلأنّ المعطى له وإن كان مفعولا أوّلا للإعطاء ولكنّه فاعل بحسب المعنى حيث إنّه في تأويل الأخذ كما أنّ المعطى الّذي هو المفعول الثاني بتأويل المأخوذ والأصل سبق المفعول الّذي هو الفاعل بحسب المعنى على المفعول الّذي ليس بهذه (٣) المثابة كما في «كسوت زيدا جبّة»
__________________
(١) البقرة : ١٧٢.
(٢) الاعتباريّ من المفاهيم ما ليس بإزائه خارج ، وربّما يطلق عليه الانتزاعيّ أيضا ، والإضافي هنا بمعنى ما كانت شيئيّته منسوبة ومضافة إلى الغير ، مأخوذ ممّا يصطلح عليه في الحكمة بالإضافة الإشراقيّة ، م.
(٣) قال ابن مالك في الألفيّة ...
والأصل سبق فاعل معنى كمن |
|
من ألبسن من زاركم نسج اليمن |
راجع بحث رتب المفاعيل من البهجة المرضية الطبع الحجريّ بخطّ عبد الرحيم.