والتمجيد ، فبعضها تخلّفت ، وبعضها سبقت ، فالّتي تخلّفت بقيت في ظلمات الغبار ، والّتي سبقت وصلت إلى عالم الأنوار ، فالأوّلون بادوا في أودية الظلمات ، والآخرون طاشوا في أنوار عالم الكرامات.
ومنها : أنّه من «لاه» الّتي أصلها «ليه» بمعنى اختفى وغاب ، لكونه تعالى غائبا عن مشاهدة الأبصار ، وعن درك الأفهام.
ومنها : أنّه من «لاه» الّتي أصلها «لوه» بمعنى ارتفع ، لأنّه تعالى علا فاستعلى وارتفع عن مشابهة الممكنات ، ومناسبة المخلوقات.
قال الرازيّ : لأنّ الواجب لذاته ليس إلّا هو ، والكامل لذاته ليس إلّا هو ، والأحد الحقّ في هويّته ليس إلّا هو ، والموجد لكلّ ما سواه ليس إلّا هو ؛ وفي الدعاء «ارتفعت عن صفة المخلوقين صفات ذاتك وقدرتك ، وعلا عن ذكر الذاكرين كبرياء عظمتك».
وكيفما كان فقد صرّح أبو البقاء في كلّيّاته : بأنّ هذا اللفظ تعيّن في كلمة التوحيد علامة للإيمان ، ولم يعلم له سميّ في اللسان ، لكنّ الله سبحانه قبض الألسن عن أن يدعى به أحد سواه ، وكما تاهوا في ذاته وصفاته لا حتجابها بأنوار العظمة وأستار الجبروت ، كذلك تحيّروا في اللفظ الدالّ عليه أنّه اسم ، أو صفة مشتقّ أو غير مشتقّ؟ علم أو غير علم؟ إلى غير ذلك ، كأنّه انعكس إليه من مسمّاه أشعّة من تلك الأنوار ، فقصرت أعين المستبصرين عن إدراكه.
إشارة : ربّما يجعل هذا اللفظ في هذه الآية بدلا من «هو» فخبره «أحد» ففيه رمز إلى أنّ صفاته عين الذات ؛ إذ لا يتصوّر لهويّته الأحديّة سوى الذات البحث ، ومن هنا قال سيّد الموحّدين أمير المؤمنين عليه السلام «كمال