«الله» قد وضع للذات الجامع لجميع الصفات الكماليّة ، فلا يخلو من معنى الوصفيّة ، وقد حقّق في مقامه أنّ تعليق الحكم بالوصف مشعر بعلّيّة المأخذ له ، يعني : علّة وجود الحكم ، هو الوصف العارض للمحكوم عليه.
فإذا قيل : أكرم العبّاد لا غيرهم ، يفهم أنّ علّة الإكرام هي العبادة واتّصافهم بها ، وقولك : «الحمد لله» أي الحمد خاصّ له لا يستحقّه غيره ، لأنّه هو المستجمع للصفات ، فعلّة الحمد هي الاستجماع المذكور. ويؤيّده قولهم هذا كدعوى الشرّ بالبيّنة والبرهان ، فعلى هذا لا يمكن أن يقال : الحمد صناعيّ ؛ إذ الصناعيّ على ما قلتم حمد كان علّته النعمة ، وقد حقّقنا أنّ العلّة غيرها ، وحينئذ يلزم استعمال المشترك في معنييه على فرض الاجتماع. فليتأمّل.
خاتمة :
قد علمت أنّ الحقّ تعالى هو المنعم فيجب شكره وحمده ، ولا يخفى أنّ الشكر لا يتحقّق ولا يؤدّي إلّا بمعرفة المشكور ليشكر بما يناسب حاله ، فشكر الحقّ غير ممكن إلّا بمعرفته ، فهي واجبة على كلّ مكلّف ، وطريقها إثبات وجوده تعالى أوّلا بالعقل ، ثمّ توحيده تعالى بأقسامه ثانيا ، ثمّ صفات الكمال والجمال والجلال له ثالثا ، ولجميع ذلك تفاصيل مذكورة في المفصّلات ، وسيجيء بعضها إن شاء الله عن قريب ، والحمد لله.