قلت : لأنّ الأصل في الطيران هو صفّ الأجنحة ، لأنّ الطيران في الهواء كالسباحة في الماء ، والأصل في السباحة مدّ الأطراف وبسطها ، وأمّا القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرّك ، فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل على معنى أنّهنّ صافّات ، ويكون منهنّ القبض تارة بعد تارة كما يكون من السابح (١). انتهى.
وحاصله : أنّ مقتضى الفعل التجدّد والحدوث ، فيناسب الطارئ على الأصل دون الأصل.
و «فوقهم» يحتمل أن تكون ظرفا لصافّات ، وأن تكون حالا ، وتكون «صافّات» حالا من الضمير المستكنّ في «فوقهم» و «ما يمسكهنّ» قيل : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من الضمير في «يقبضن» ومفعول «يقبضن» محذوف ؛ أي أجنحتهنّ. انتهى.
وفي بعض التفاسير : إنّ المعنى : ألم يستدلّوا بثبوت الطير في الهواء على قدرتنا أن نفعل بهم ما تقدّم وغيره من العذاب. انتهى.
وفي التعبير بلفظ (الرَّحْمنُ) إشارة إلى أنّ إمساكهنّ في الهواء وعدم سقوطهنّ مقتضى الصفة الرحمانيّة.
وفي قوله : (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) أي : عليم ، إشارة إلى أنّ أفعاله تعالى لا تكون إلّا بحكمة ومصلحة.
قال الطبرسيّ رحمه الله : والبصير في أسمائه ، هو الّذي يشاهد الأشياء كلّها ظاهرها وخافيها من غير جارحة ، فالبصر في حقّه تعالى عبارة عن
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٥٨١.