قال صاحب الحقائق : أشار إلى طيور الأرواح القدسيّة الّتي تطير في هواء الأزل والأبد بأجنحة الشوق والمحبّة ؛ باسطات أجنحتهنّ ببسط الأنس ، قابضة لها برؤية عظمة القدس ، فهناك محلّ القبض والبسط ، ولو لا فضله وكرمه لفني في بروز سبحات ذاته ، ولسقط من هواء لاهوتيّه إلى أرض قهره.
ثمّ حكى عن الحريريّ في قوله : (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ) أنّه قال : أشار الحقّ إلى أنّه يتوكّل عليه الأولياء ، ويسكن إليه الأصفياء بما صففن توكّلهنّ على الحقّ ، فإذا توكّل عليه الوليّ شوقا إلى الملك الأعلى طيّره بجناح الأنس في هواء المحبّة ، وأجلسه على بساط المعرفة ، ويقبضه الحقّ بقدرته ويمسكه عواطف رحمته. انتهى.
و «يقبضن» عطف على «صافّات» فيكون في موضع الحال مثله ، والأكثرون يمنعون من عطف الفعل على الاسم كالعكس.
قال الطبرسيّ رحمه الله : وإنّما عطف الفعل على الاسم ، ومن الأصل المقرّر أنّ الفعل لا يعطف إلّا على الفعل ، كما أنّ الاسم لا يعطف إلّا على الاسم ، لأنّه وإن كان فعلا فهو في موضع الحال. فتقديره تقدير اسم [فاعل] ، و «صافّات» حال ، فجاز أن يعطف عليه ، كأنّه (١) قال : صافّات وقابضات (٢). انتهى.
وفي الكشّاف : فإن قلت : لم قيل «ويقبضن» ولم يقل «وقابضات»؟
__________________
(١) في المصدر : فكأنّه.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤١٤.