وفي بعض الأخبار : أنّ المراد أيّكم أتمّ عقلا ؛ أي معرفة وخشية (١) من الله ، فإنّ العقل ما عبد به الرحمن ، واكتسب به الجنان (٢).
وقد فسّر ليعبدون بـ «ليعرفون». وقد ورد في جملة من الروايات : أنّ ثواب العمل على مقدار المعرفة والعقل.
وفي رواية سليمان الديلميّ [عن أبيه] قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : فلان من عبادته ودينه وفضله كذا. فقال : كيف عقله؟ قلت : لا أدري. فقال : إنّ الثواب على قدر العقل ، إنّ رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزائر البحر ، خضراء نضرة ، كثيرة الشجر ، طاهرة الماء ، وإنّ ملكا من الملائكة مرّ به فقال : يا ربّ أرني ثواب عبدك هذا ، فأراه الله ذلك فاستقلّه (٣) الملك ، فأوحى الله إليه أن اصحبه ، فأتاه الملك في صورة إنسيّ فقال له : من أنت؟ فقال : أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان ، فأتيتك لأعبد الله معك ، فكان معه يومه ذلك ، فلمّا أصبح قال له الملك : إنّ مكانك لنزه وما يصلح إلّا للعبادة. فقال له العابد : إنّ لمكاننا هذا عيبا. فقال له : ما هو؟ قال : ليس لربّنا بهيمة ، فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع ، فإنّ هذا الحشيش يضيع. فقال له الملك : وما لربّك حمار؟ فقال : لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش. فأوحى الله إلى الملك : إنّما أثيبه على قدر عقله (٤). انتهى.
__________________
(١) إشارة إلى رواية في البحار ٧٠ : ٢٣٢.
(٢) إشارة إلى حديث في الكافي ١ : ١١.
(٣) أي : رآه قليلا.
(٤) بحار الأنوار ١٤ : ٥٠٦.