.................................................................................................
______________________________________________________
فكما أنّ السفر اللاحق لا يؤثّر في سقوط الكفّارة السابقة فكذا فيما نحن فيه. ومنه تعرف أنّ المشار إليه في قوله : «إنّما هذا» إلخ ، هو الصدر ، أعني : من حال الحول على ماله قبل أن يهب ، الذي هو المقصود بالبيان والمسوق له الكلام ، دون ما بعده الذي فرض فيه الهبة قبل حلول السنة ، الواقع كجملة مستأنفة كما لا يخفى.
وإنّما قيّد (عليه السلام) السفر بآخر النهار لأنّه أوقع في التشبيه بمحلّ الكلام وأتمّ ، إذ المشبّه هو الهبة بعد حلول الحول واستقرار الوجوب وتعيّن الزكاة على نحوٍ لا يمكن التخلّص عنها ، ولأجل ذلك كان الأوقع تشبيهه بمن سافر آخر النهار ، أي بعد الزوال ، بحيث كان الصوم متعيّناً في حقّه ولا يمكن التخلّص عنه بأيّ وجه ، بخلاف ما قبله ، لعدم استقرار الوجوب عليه بعد ، لإمكان التخلّص عنه حينئذٍ بالسفر ، فمن أجل هذه النكتة شبّهه (عليه السلام) بالسفر بعد الزوال ، وإلّا فالذي يظهر من ذيل الرواية أنّ العبرة في الكفّارة بجواز الإفطار وعدمه ، وأنّه لو أفطر في زمانٍ لا يسوغ له الإفطار ثمّ سافر وإن كان قبل الزوال لم تسقط عنه الكفّارة ، حيث قال (عليه السلام) في الذيل «ولكنّه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيء بمنزلة من خرج ثمّ أفطر» إلخ ، حيث شبّه (عليه السلام) الهبة قبل حلول الحول المانعة عن تعلّق التكليف بالزكاة بالصائم الذي خرج عن بلده ثمّ أفطر ، فقيّد الإفطار بالخروج عن البلد ، ومعلوم أنّ هذا حكم ما قبل الزوال ، وإلّا فبعده لا يجوز الإفطار خرج أم لم يخرج.
وعلى الجملة : قد تضمّن الذيل نفي البأس عن الهبة قبل حلول الحول ، لأنّه وهبه في وقت حلال ، إذ لم يكن التكليف بالزكاة متوجّهاً إليه وقتئذٍ ، فهو بمنزلة الصائم الذي خرج إلى السفر وأفطر بعد خروجه الذي لا يكون إلّا قبل الزوال بطبيعة الحال كما عرفت فإنّ هذا الإفطار لا يوجب الكفّارة ، لوقوعه في وقت حلال ، لعدم كونه مكلّفاً بالصوم عندئذٍ. فيظهر من تقييد الإفطار بالخروج أنّه