.................................................................................................
______________________________________________________
ويستدل للمشهور بوجوه :
أحدها : ما ورد في المريض والمسافر من أنّه إذا برئ من مرضه أو قدم أهله قبل الزوال ولم يتناول المفطر يجدّد النيّة ويصوم ويحسب له ، مع أنّ المريض والمسافر لم يكونا مكلّفين بالصوم من أوّل الأمر ، وكان يجوز لهما استعمال المفطر ، غير أنّهما من باب الاتّفاق لم يستعملاه ، فكيف بمن هو مكلّف به واقعاً وإن لم يعلم به فعلاً كالجاهل والناسي ، فإنّ الحكم حينئذٍ ثابتٌ بطريقٍ أولى.
هذا ، وللمناقشة فيه مجال واسع ، فإنّ مبدأ الصوم في المريض والمسافر زمان ورود البلد أو برء المريض ، لا طلوع الفجر الذي هو مبدأ الصوم لغيرهما من سائر المكلّفين ، ففي الحقيقة هما مكلّفان بنيّة الإمساك خلال تسع ساعات مثلاً وغيرهما خلال ستّ عشرة ساعة مثلاً أي طول النهار من مبدئه إلى منتهاه ، وقد ثبت بالدليل الخاصّ أنّ هذا بمنزلة الصوم من طلوع الفجر ، فهما ليسا مكلّفَين بالإمساك حتّى واقعاً إلّا من الآن ، وهذا بخلاف الجاهل ونحوه ، فإنّه مأمور بالإمساك من طلوع الفجر وإن لم يعلم به ولم يأت بهذا المأمور به حسب الفرض ، لخلوّ قطعة من الزمان عن النيّة ، استناداً إلى الاستصحاب الذي هو حكم ظاهري. ومعه كيف يجتزئ بهذا الناقص عن المأمور به الواقعي ، فإنّ ما كان واجباً عليه وهو الإمساك من طلوع الفجر عن نيّةٍ لم يأت به ، وما اتي به وهو نيّة الإمساك من الآن لم يكن مأموراً به ، فبأيّ دليل يكون مجزئاً؟! نعم ، هو مأمور بالإمساك لا بالصوم.
وعلى الجملة : دليل الإجزاء خاصّ بمورده ، وهو من لم يكن مأموراً بالإمساك من طلوع الفجر أعني المريض والمسافر فكيف يتعدّى إلى غيره ممّن هو مأمور به من الأول؟! فإنّ ذاك الدليل لا يقتضي مثل هذا التعدّي بوجه.