.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيها وهو أغرب من سابقه ـ : التمسّك بحديث الرفع (١) ، بدعوى أنّ اعتبار النيّة في هذا المقدار من الزمان أعني : حال الجهل والنسيان مرفوع بالحديث ، والمفروض مراعاتها في الباقي فيحكم بالصحّة.
وفيه : أنّ الرفع بالإضافة إلى ما لا يعلمون رفع ظاهري كما هو محرّر في الأُصول (٢) ، فهو بحسب الواقع مأمورٌ بالصيام وإن جاز له الإفطار في مرحلة الظاهر استناداً إلى الاستصحاب ، أو إلى قوله (عليه السلام) : «صم للرؤية وأفطر للرؤية» (٣) فالحكم الواقعي بالصوم من طلوع الفجر باقٍ على حاله ، وقد تركه حسب الفرض ، ومعه كيف يحكم بالإجزاء لدى انكشاف الخلاف؟! ومعلومٌ أنّ الحكم الظاهري لا يقتضيه.
هذا في الجهل.
وأمّا بالإضافة إلى النسيان ، فالرفع فيه واقعي على ما ذكرناه في محلّه ، من أنّ نسبة الرفع إلى الفقرات المذكورة في الحديث مختلفة ، فإنّه ظاهري فيما لا يعلمون وواقعي فيما عداه ، فالناسي غير مكلّف بالصوم حال نسيانه حتّى واقعاً.
نعم ، لا إشكال في كونه مكلّفاً بالإمساك من زمان التفاته إلى الغروب ، لإطلاق الروايات ، فإنّ الخارج عنها عناوين خاصّة كالمريض والمسافر ونحوهما ، وليس الناسي منها ، لكن وجوب الإمساك شيء ، ووجوب الصوم المحدود ما بين الطلوع والغروب الذي هو المأمور به أصالةً لولا النسيان شيء آخر ،
__________________
(١) الوسائل ١٥ : ٣٦٩ / أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب ٥٦ ح ١.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٧١.
(٣) الوسائل ١٠ : ٢٥٥ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٣ ح ١٣.