.................................................................................................
______________________________________________________
فلا بدّ وأن يكون منشأ التفصيل : محجوريّة العبد عن التصرّف ، التي ترتفع بالإذن ، وسيجيء إن شاء الله اعتبار التمكّن من التصرّف في وجوب الزكاة (١) ، فالعبد المأذون مالكٌ متمكّنٌ من التصرّف في ماله ، فتجب عليه الزكاة كسائر الملّاك ، دون غير المأذون الذي لا سلطنة له على ماله.
فالتفصيل المزبور مبنيٌّ على ذلك مع الغضّ عن الأخبار.
ومع ذلك لا يتمّ ، والوجه فيه : أنّ المنع عن التصرّف المانع عن تعلّق الزكاة إنّما هو فيما إذا كان المنع من جهة قصورٍ في المال لا قصورٍ في ناحية المالك المتصرّف.
فإنّ القصور تارةً : يكون في ناحية المال ، كما لو كان غائباً أو مدفوناً في مكانٍ مجهول ، أو إرثاً لا يدري به الوارث ، أو مسروقاً أو مرهوناً فيما لو تعدّينا عن المنع العقلي إلى الشرعي. ففي جميع هذه الموارد تكون الممنوعيّة العقليّة أو الشرعيّة عن التصرّف مستندة إلى قصورٍ ونقصٍ في ذات المال ، وإلّا فلا قصور في طرف المالك أبداً.
وأُخرى : يكون في ناحية المالك ، كما لو كان سفيهاً ، أو محجوراً عليه ، أو عبداً ، أو صغيراً ، ونحو ذلك. والذي ثبتت مانعيّته عن تعلّق الزكاة إنّما هو الأوّل ، وإلّا فلم يدلّ أيّ دليل على أنّ الحجر من ناحية المالك من حيث إنّه حجرٌ وإنّه ممنوعٌ عن التصرّف ، لا من حيث عنوان آخر ملازم معه كالصغر مانع عن تعلّق الزكاة كما لا يخفى.
فلو فرضنا أنّا لم نعمل بالروايات المتقدّمة كان مقتضى القاعدة على القول بالملكيّة وجوب الزكاة على العبد مطلقاً ، أي سواء كان مأذوناً أم لا ، لأنّ النقص إنّما هو من ناحية المالك ، لأنّه عبدٌ (كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ) كما في السفيه ، وقد
__________________
(١) انظر ص ٣٣.