.................................................................................................
______________________________________________________
وقد وقع الخلاف في وجوب الزكاة حينئذٍ ، ولعلّ الأشهر هو الوجوب ، ولكن الأظهر عدمه ، فإنّ المورد وإن كان مشمولاً لإطلاقات أدلّة الدرهم والدينار المحكومة بوجوب الزكاة ولا ينبغي التشكيك في ذلك ، ولكنّه مشمولٌ أيضاً لإطلاقات الأدلّة النافية للزكاة عن الحلي كما سيجيء إن شاء الله تعالى ، إذ هي تشمل الدرهم والدينار المتّخذ حليّاً كغيرهما بمناطٍ واحد.
ولا يبعد تقديم الثاني ، نظراً إلى التعليل الوارد في بعض هذه النصوص ، وهي صحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحلي؟ أيزكّى؟ «فقال : إذن لا يبقى منه شيء» (١).
المؤيّدة بخبر علي بن جعفر وإن كان ضعيفاً بعبد الله بن الحسن قال : سألته عن الزكاة في الحلي «قال : إذن لا يبقى» (٢).
حيث يظهر من هذا التعليل أنّ الزكاة إنّما شُرِّعت في المسكوك الذي من شأنه الصرف والتبديل والنقل والتحويل كالنقود المصروفة في الأثمان ، وأمّا ما يكون المطلوب منه البقاء والتمتّع بالتزيّن بها كالحلي فلا زكاة فيها ، وإلّا لأدّى إلى الزوال والاضمحلال ولم يبق منه شيء بعد سنين عديدة ، وهذه العلّة تستدعي عدم تعلّق الزكاة بالدينار المتّخذ للحلية ، إلّا إذا خرج عن التحلّي وصار كسائر النقود بحيث لا يكون المطلوب في نوعه البقاء.
فإن تمّ هذا الوجه ، وإلّا فمن الواضح أنّ النسبة بين الدليلين عمومٌ من وجه ، فإنّ أدلّة الدينار تعمّ المتّخذ للحلي ، كما أنّ أدلّة الحلي تعمّ ما كان من الدينار ، فيتعارضان في مادّة الاجتماع وهي الدرهم أو الدينار المتّخذ للحلي فتجب الزكاة بمقتضى الطائفة الأُولى ، ولا تجب بمقتضى الثانية.
__________________
(١) الوسائل ٩ : ١٥٦ / أبواب زكاة الذهب والفضّة ب ٩ ح ١.
(٢) الوسائل ٩ : ١٥٨ / أبواب زكاة الذهب والفضّة ب ٩ ح ٩.