.................................................................................................
______________________________________________________
ومحلّ الكلام ما لو كان الغشّ بغير الجنسين كالنحاس مثلاً أمّا لو كان بهما كما لو كان الدينار ممزوجاً بشيء من الفضّة أو الدرهم بشيء من الذهب فسيجيء البحث عنه فيما بعد إن شاء الله تعالى (١).
فنقول : قد يفرض بلوغ الغشّ حدّا لا يخرج المغشوش معه عن صدق اسم الدرهم والدينار ، فإنّ الدينار الخالص كما عرفت لا يكاد يوجد خارجاً وإن كان فهو نادر جدّاً ، لكونه ليّناً في طبعه فيحتاج إلى مزيجٍ يوجب تماسك أجزائه أقلّه حبّة ونصف في كلّ مثقال ، وربّما يبلغ أكثره ثلث المثقال ، فهو مشتمل على الخليط والمزيج على كلّ حال حسب اختلاف المراتب التي منها تنتزع الجودة والرداءة كما مرّ (٢) ، وعرفت أنّ أرقى أنواعها الليرة العثمانيّة.
وكيفما كان ، فإن كان كذلك أي كان المغشوش من مصاديق الدرهم والدينار عرفاً ، لكون الغشّ قليلاً لا يضرّ بصدق اسم الذهب والفضّة فالظاهر وجوب الزكاة حينئذٍ لدى بلوغ المجموع من المزيج والممزوج حدّ النصاب وإن لم يبلغ خالصهما النصاب ، فإنّ الموضوع لهذا الحكم كغيره من سائر الأحكام كحرمة لبس الذهب للرجال ، ووجوب التقابض في المجلس في بيع الصرف ، ووجوب دفع ألف دينار في الدّية وهو ما صدق عليه عرفاً اسم الذهب والفضّة وإن كان مشتملاً على الغشّ والخليط ، عملاً بإطلاق الأدلّة ، إذ لم تتقيّد حرمة لبس الذهب مثلاً بالخلوص كما قُيِّد الحرير بذلك.
على أنّها قد دلّت على أنّ في كلّ عشرين مثقالاً نصف دينار ، مع أنّ نفس العشرين التي هي خمسة عشر مثاقيل صيرفيّة يشتمل كلّ مثقال منها على حبّة ونصف من المزيج على الأقلّ كما مرّ ، فيكون في مجموع العشرين من
__________________
(١) في ص ٢٩٧.
(٢) في ص ٢٨٥ ٢٨٦.